watermark logo

بين سلام الإسلام والسلام الغاندي-مناقشة الاعتراضات على لا تقولوا الإسلام دين السلام

2 Views
eyadqunaibi
eyadqunaibi
04/08/24

أيها الكرام بعد نشر كلمة (لا تقولوا الإسلام دين السلام) تلقيت عددا من الاعتراضات، وأرى أن في مناقشتها فائدة.
بداية، لعلنا سنتقارب أكثر إذا وضعتكم في الجو الذي دفعني لإصدار الكلمة: بعد أحداث نيوزيلندا وتزايد الإقبال عالميا من غير المسلمين على السماع عن الإسلام..وهي فرصة تاريخية ينبغي استثمارها على أفضل ما يمكن...رأينا بعض إخواننا المسلمين في الغرب يطلقون هذه العبارة: (الإسلام دين السلام). ومن واقع حضوري لما كان يسمى (interfaith dialogue) (الحوار بين الأديان) في أميريكا كانت هذه العبارة تتكرر أيضاً.
الآن أخي، لو قلت لي: سأعطي محاضرة لمجموعة من النصارى الغربيين مثلاً بعنوان: (لماذا الإسلام دين السلام؟)..أشرح فيها بالتفصيل: أن السلام في الإسلام لا يعني الخنوع والذلة، بل لا بد للسلام من قوة تحميه، وأن الإسلام لا يسالم الباغي المعتدي الذي يسعى في الأرض فساداً، بل مجاهدة أمثال هؤلاء هي التي تحقق السلام الحقيقي. وبالتالي فعلينا أن نعيد تعريف السلام وحينئذ فالإسلام دين السلام، ولا يعارضه أمر الإسلام بالحرب في بعض المواطن...إلى آخره من المعاني التي تفضلتم بها في اعتراضاتكم...
لو كان هذا هو الطرح..أنك ستعطي محاضرة تعرف فيها السلام لمستمعيك وترسم لهم الصورة كاملة لقلت لك: تمام، جميل..لا اعتراض على تسميتها: (لماذا الإسلام دين السلام؟). وقد ذكرت في ختام كلمتي أنه لا دين يحقق السلام العادل الحق إلا الإسلام.
لكن إخواني ليس هذا هو الذي يحصل في حوار المسلمين مع غيرهم بالغرب عادة. بل الذي يحصل هو إطلاق عبارات شعارية أو شعاراتية (slogans): (الإسلام دين السلام)، وقد يأتون ببعض الآيات للتدليل على أنه دين السلام دون ذكر الآيات التي تأمر بالحرب في مواطنها.
هذا الشخص الذي سمع منك هذا الشعار..(الإسلام دين السلام)..أولاً: ما المعنى المتبادر إلى ذهنه؟ وهذا مهم جداً: أن نعرف ما المعنى الذي يفهمه سامعونا عند إطلاق عبارة معينة.
عادة المعنى المتبادر هو أن الإسلام دين لا حرب فيه... دين لا حرب فيه..دين سلمي في تحركاته وردود أفعاله على طريقة غاندي..هذا هو المعنى المتبادر للغربي، وهو المعنى الذي يُروَّج له عالمياً من النظام الدولي الذي يريد للناس أن ينشغلوا عن مدافعته بأساليب قليلة الجدوى.
إذن بداية إخواني لا يعنينا أن تفصل لنا نحن المسلمين في معنى كلمة (السلام) لغوياً فتقول بل الإسلام دين السلامة والنجاة في الآخرة والوصول إلى دار السلام لتثبت لنا أن الإسلام دين السلام..بل المهم: هل هذه المعاني التي تذكرها هي المعاني المتبادرة إلى ذهن السامع، خاصة من غير المسلمين؟
هل المقام يتسع عادة لتوضيح هذه المعاني لغير المسلمين في مناسبات مثل توافدهم على المساجد ليتعرفوا على الإسلام في عجالة؟
هذا النصراني أو اللاديني الغربي سيذهب بعدما تلقف منك هذه الكلمة فيأتيه من يقول له: قالوا لك الإسلام دين السلام؟ انظر ماذا يقول القرآن.. ويأتيه بالآيات التي فيها قتل وقتال.
سيكون من السهل جدا حينئذ أن يحس هذا الشخص بأنك تخادعه وتخفي حقائق دينك لتحمي نفسك منه، لا أنك يهمك دعوته إلى الحق الذي في دينك، خاصة وأن كثيرا من المسلمين في الغرب يسيطر عليهم بالفعل هاجس دفع الأذى عن أنفسهم أكثر من واجب دعوة الآخرين إلى الإسلام.
لذلك إخواني فعبارة (الإسلام دين السلام) لا تصلح كشعار..لا تصلح كـرسالة (take home message) يذهب بها مستمعوك من غير المسلمين، بل هي تحتاج شرحاً وتفصيلاً وضوابط.
أما شعار: (الإسلام دين الطاعة المطلقة لله... الإسلام دين الحق والعدل..دين العبودية لله وحده، لا للأهواء ولا للبشر ولا للنظام الدولي ولا لأصحاب رؤوس الأموال)..هذه تصلح شعارات لكل زمان ومكان، وتنطبق في الحال والمآل، ونقيمها مع كل أحد بلا استثناء، وليست مشروطة بشرط. تصلح شعارات لأنها الغايات النهائية..فالله تعالى قال: (لَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلَنَا بِالْبَيِّنَاتِ وَأَنزَلْنَا مَعَهُمُ الْكِتَابَ وَالْمِيزَانَ لِيَقُومَ النَّاسُ بِالْقِسْطِ)...ليقوم..لام التعليل..إذن من أجل إقامة العدل أرسل الله الرسل وأنزل الكتب.
إقامة الحق والعدل وأن تكون العبودية لله، أن يكون الدين كله لله..هذه هي الغايات النهائية..
في سبيل تحقيق هذه الغايات فإنا نحتاج السلام أحيانا والحرب أحياناً.
ستجد أن القرآن ينهى عن الدعوة إلى السلام في بعض المواطن فيقول الله تعالى: (فلا تهنوا وتدعوا إلى السلم وأنتم الأعلون والله معكم ولن يتركم أعمالكم)...ولا ينهى عن الحق والعدل والطاعة المطلقة لله في أي موطن أبداً ولا في التعامل مع أي أحد.
ستجد آيات تأمر بالجهاد بدل المسالمة في بعض المواطن، ولن تجد أية آية -أو حديث طبعا- يأمر بالعبودية لغير الله، أو بالباطل الذي هو ضد الحق أو يأمرك بالظلم الذي هو ضد العدل.
وعندما نقول (الإسلام دين القيمة الفلانية) فلا بد أن تكن هذه القيمة سارية في كل تعاليمه وتشريعاته.

لأجل هذا كله إخواني أعيد فأقول: (الإسلام دين السلام) لا تصلح كشعار في دعوتنا لغير المسلمين، خاصة عندما لا يتسع المقام للتبيين، بل ولا تصلح كشعار مطلق بين المسلمين ما لم يفهموا المقصود منه، خاصة وأنه يُروَّج بين المسلمين لمفهوم السلمية في استرداد الحقوق ودفع الظلم..السلمية بديلا عن مدافعة أهل الباطل ومواجهة القوة بالقوة.
وهذا كله لا يعني أبداً أننا نرضى بأن يحتكر غير المسلمين هذا المعنى (السلام) وكأنهم أولى به منا. بل هم في دعواه كاذبون، ولا يشيع السلام مع من هو أهله إلا الإسلام.
ومع هذا فقد عدلت عنوان الكلمة حتى لا يساء فهمه..

فالرفق الرفق يرحمكم الله..أسأل الله تعالى أن يجعلنا جميعا أذلة على المؤمنين أعزة على الكافرين.
والسلام عليكم
....
الصفحة الشخصية على الفيس بوك
https://www.facebook.com/EyadQunaibi

الحساب على التويتر
@Dr_EyadQun

Show more

0 Comments Sort By

No comments found

Up next